الخميس، 28 يناير 2016

روسيا ... العدو الأقدم للإسلام . حقائق تاريخية عن أكبر كذبة في التاريخ ( إبادة الأرمن على أيدي العثمانيين )

لقد تبنى هذه الأكذوبة (إبادة الأرمن على أيدي العثمانيين) من استخدم الأرمن في تحقيق مطامعه السياسية والمقصود هنا روسيا القيصرية هي التي صنعت الأرمن ومنحتهم بغير حق معظم الأراضي التي طردت المسلمين منها في خلال حروبها المستمرة لعدة قرون مع الدولة العثمانية! فقد كانت روسيا القيصرية تمارس إرهاباً منظماً ضد رعايا الدولة العثمانية حيث كانت تبيد مدائن وقرى كاملة كانت عامرة بالمسلمين ومن تبقى على قيد الحياة منهم كانت تجبره على النزوح القسري مستولين على كل ممتلكات هؤلاء المسلمين المظلومين الذين تعرضوا لأبشع عملية استئصال جماعي في تاريخ البشر! وفي نفس الوقت كانت القوات الروسية بزعم الدفاع عن المسيحية! تقوم بعملية إحلال وتجديد من خلال توطين الأرمن الموالين لها في حروبها مع الدولة العثمانية في أراضي المسلمين الذي هجروها قسراً أو قتلوا إبادة! وقد كانت روسيا القيصرية تمد المتمردين الأرمن بالمال والسلاح والعتاد بمجرد حدوث أدنى نزاع بين مسلم من رعايا الدولة العثمانية وأرمني موال لروسيا القيصرية فلم يكن مسموحاً للمسلم أن يرد عدوان عصابات الأرمن التي تغير على القرى وتنتهك الأعراض فإذا حاول المسلم أن يدافع عن عرضه وأرضه تقوم هذه العصابات المدعومة من روسيا بإبادة القرية وحرق من فيها! لقد استخدمت روسيا المتمردين الأرمن لتوسيع مناطق نفوذها واحتلال البلاد الخاضعة للدولة العثمانية وهذا ما ساعد فيما بعد على تكوين الاتحاد السوفيتي منذ الثورة البلشفية عام 1917م . وأكد على ذلك لورانت شابري وآني شابري في كتابهما (سياسة وأقليات في الشرق الأدنى ترجمة د.ذوقان قرقوط ص311) رغم أنهما لم يكونا محايدين على الإطلاق في كتابهما المذكور .
لكن على أية حال فقد ذكرا رغم تعصبهما للأرمن: "وقد أبصر الأرمن الباقون في أرمينيا الخاضعون من جهة للأتراك ومن الجهة الأخرى للفرس أملاً كبيراً في نهاية القرن الثامن عشر وهم ينظرون إلى القوة الروسية القوة المسيحية تظهر على مسرح الشرق الأدنى وتظهر الرغبة في الامتداد إلى ما وراء القوقاز نحو الجنوب والجنوب الشرقي . قبل ذلك في القرنين السادس عشر والسابع عشر حاول الأرمن - عبثاً بلا جدوى - العثور على عون في الغرب المسيحي متوقعين تدخلاً عسكرياً من الدول الغربية ينقذهم من النير التركي ولم تثبط روسيا هذه الآمال الجديدة واجدة في جيوش المتطوعين الأرمن التي شنت على الفرس احتلال الأراضي التي تشكل اليوم صورة تقريبية أرمينيا السوفيتية . مع مطلع القرن الثامن عشر وفي عهد بطرس الكبير إمبراطور روسيا بدأ بعض الأرمن يتصرفون كمساعدين للسياسة الروسية والجيش الروسي. وبدأ يقوى اتكال الأرمن على روسيا وأملهم في مساعداتها منذ غارات الروس الأولى على القفقاس . وقام الرعايا الأرمن المقيمون تحت حكم الدولة العثمانية إضافة إلى الأرمن الرعايا تحت حكم الروس قاموا بالقتال إلى جانب الروس ضد الإمبراطورية العثمانية في حروب أعوام (1827-1829) وحرب القِرَم . وأبدى الأرمن في الأناضول العثمانية ولاءهم للقضية الروسية بعملهم جواسيس أيضًا للروس فقد عبر الأرمن من الأناضول الحدود وقدموا تقارير عن تحركات القوات العثمانية في جميع حروب شرق الأناضول وساعد الأرمن الأناضوليون الجيوش الروسية الغازية في عام 1827م  وتبع عدة آلاف منهم الجيش الروسي حين غادر إلى خارج الأناضول وخلال حرب القِرم قدَّم الأرمن أيضًا للروس معلومات استخباراتية من مدينة قارص المحاصرة.ومهَّد المرشدون الجواسيس من الأرمن من الأناضول العثمانية الطريق للغزاة الروس في عام  1877م  ورحّب أرمن وادي الشكرد بالجيوش الروسية الغازية في عام 1877م وعندما انسحب الروس غادروا جميعًا معهم .وقد قام رئيس دير للرهبان بتحويل أحد الأديرة الأرمنية على الحدود العثمانية الفارسية إلى مستودع أسلحة وكي يكون نقطة تسلل لثوريين أرمن يعملون ضد الإمبراطورية العثمانية .وعندما استولى الروس على مدينة قارص العثمانية لاحظ المراسل تشارلز وليامز أن الأرمن ساعدوا أصدقاءهم الروس في قتل الجرحى من الأسرى العثمانيين . وحينما استولى الروس على مدينة أرضروم العثمانية عيّنوا أرمنيًّا في منصب قائد الشرطة وقام الأرمنيون بالإفادة من وجود الروس فعاملوا المسلمين بقسوة وأهانوهم كما يقول السفير ليرد . وعندما عادت المدينة للمسلمين استطاع العثمانيون أن يحافظوا على النظام وقاموا بحماية المسيحيين من ثأر المواطنين المسلمين . وعانى المسلمون العثمانيون في منطقة باتوم التي استولى عليها الروس فقد قاموا بمعاونة الأرمن بابتزاز المال والممتلكات الشخصية وحرموا المسلمين من جوازات السفر وأصبحت باتوم -كما يقول القنصل البريطاني في تفليس- "مسرحًا جماعيًّا للظلم والسلب والنهب" . كانت الأحزاب الأرمنية الثورية -كما يقول جستن مكارثي- مستعدة للتضحية بأرواح أرمنية أو مسلمة في سبيل تحقيق أهدافها ، كان المخطط العام لخطتهم محاكاة الانتفاضة البلغارية الناجحة عام 1876م وتحريض أرمن محليين على مهاجمة مسلمين أو القيام بذلك بأنفسهم محرضين بذلك على قتل الأرمن مما سيؤدي إلى تدخل أوروبي لمصلحة قيام دولة أرمنية . ويؤكد هذا الواقعة التالية:
"أخبر أحد الثوريين [الأرمن] الدكتور هاملِن مؤسس الجامعة الأمريكية في تركيا بأن عصابات الهشنق [الأرمنية] تنتظر فرصتها لقتل أكراد وأتراك وإشعال النار في قُراهم ثم تفر إلى الجبال سوف يثور المسلمون الغاضبون بعدها ويهاجمون الأرمن العُزّل ويقتلونهم بطريقة وحشية لدرجة أن روسيا ستتدخل باسم الإنسانية والحضارة المسيحية . وحينما شجب المبشر المذعور المخطط لأنه شنيع وشيطاني أكثر من أي شيء عرفه تلقى هذا الرد:
هكذا يبدو الأمر لك من غير ريب لكننا قررنا نحن الأرمن أن نصبح أحرارًا أصغت أوروبا إلى الأهوال البلغارية وجعلت البلغار أحرارًا سوف تصغي إلى صيحتنا حين تدخل في صيحات ودماء ملايين النساء والأطفال نحن يائسون سوف نفعلها . وشاعت تمردات الأرمن على الحكومة العثمانية في كل أنحاء الشرق بعد عام 1890م وشكّل الأرمن عصابات لقتال المسلمين وسقط كثير من القتلى من الجانبين ووصل الأمر لمحاولة الأرمن اغتيال السلطان العثماني عام 1905م . وفي 14 أبريل عام 1909م بدأت الهجمات الأرمنية على المسلمين في منطقة أضنة متأثرة برجل الدين المسيحي الأسقف موستش الذي بشر بأمة أرمنية مستقلة ومات قرابة عشرين ألفًا من الطرفين . يقول جستن مكارثي: "كانت أحداث عام 1890 وعام 1909 مهمة في تهيئة المناخ النفسي لعام 1915" . وفي عام 1914 اندلعت الحرب العالمية الأولى وأعلنت روسيا الحرب على الدولة العثمانية وخلال العام الأول للحرب كان العثمانيون منهكين بثورات الأرمن في كل مناطق شرقي الأناضول وكان أرمن مدينة زيتون يشنون حرب عصابات ضد العثمانيين واستولى الأرمن على مدينة قرة حصار الشرقية العثمانية لكنهم سرعان ما طُردوا من أكثر المدينة وهاجمت عصابات أرمنية قرويين مسلمين في الريف قرب قرة حصار وقتلت عددًا منه. وقامت عصابات أخرى أرمنية في مدينة أورفة بحرق بيوت للمسلمين وقتلوا مدنيين مسلمين . وقبل أن تعلن روسيا الحرب كان الأرمن ينظمون أنفسهم في فرق لحرب العصابات التي سيشنونها على العثمانيين فقاموا بتكديس مخازن احتياطية من الأسلحة بتمويل من روسيا وحين أُعلنت الحرب دخل أرمن الأناضول -الذين رحلوا إلى روسيا في السابق- إلى الإمبراطورية العثمانية من جديد وقادوا فرق رجال العصابات وانضم إلى العصابات عدد كبير من الأرمن الذين فروا من الجيش العثماني والذين شكلوا عصابات قطاع طرق ولصوصية في الأناضول ثم انضموا إلى القوات الروسية والأرمنية . قدّرت الحكومة العثمانية أن نحو 30000 رجل مسلح من إقليم سيواس وحده انضموا إلى القوات الأرمنية. ربما يكون هذا الرقم مبالغًا فيه لكنه -كما يقول مكارثي- دالٌّ على ثورة كبيرة يُخطط لها منذ زمن بعيد. بدأ الأرمن الهجوم على الوحدات العسكرية العثمانية وعربات توزيع البريد ومواقع الدرَك (الشرطة) ووحدات التجنيد في مناطق كثيرة وقطعت خطوط البرق في شرقي الأناضول وجرت مواجهات عسكرية بين المتمردين الأرمن والقوات العثمانية وقام الأرمن بمهاجمة قرى مسلمة وقتلوا العديد من المسلمين ونُفذت خطط الأرمن في الاستيلاء على مدن شرقية حال اندلاع الحرب . يُعقب جستن مكارثي قائلًا: "من أجل فهم التسلسل الزمني للمجازر والمجازر المقابلة في المنطقة يجب إدراك أن هذه النشاطات الثورية وغيرها (يقصد اعتداءات الأرمن) جرت قبل إصدار أي أوامر بترحيل الأرمن بمدة طويلة بدأت الثورات والهجمات على القوات العثمانية في وان وزيتون وموش والرشادية وكواش ومدن وبلدات أخرى قبل صدور أوامر العثمانيين بالترحيل" .
وبداية من عام 1915م ازدادت وحشية وجرائم الأرمن بحق المسلمين سعيًا منهم للاستقلال عن الدولة العثمانية مستغلين انشغال العثمانيين بالحرب العالمية الأولى . يقول مكارثي: "كانت أعمال الاغتصاب الوحشية جلية في كل مكان، وأعمال التعذيب قبل القتل شائعة... يبدو أن هجمات الأرمن على مسلمي الشرق في أثناء الحرب العالمية الأولى تركزت على القتل بدلًا من الدفع إلى الفرار!" . وقد أتى مكارثي بأدلة موثقة كثيرة في كتابه الرائع الفذ على مذابح الأرمن ووحشيتهم وجرائمهم بحق المسلمين العثمانيين وسنكتفي بإيراد ما يخص إقليمًا واحدًا فقط وهو إقليم وان (Van) يقول مكارثي باختصار: في 20 نيسان (عام 1915) بدأ الأرمن في وان بإطلاق النار على مخافر الشرطة ومساكن المسلمين مع تقدم الأرمن وتغلبهم على قوات الأمن العثمانية أحرقوا الحي المسلم وقتلوا المسلمين الذين وقعوا في أيديهم كان من ضمن الذين قُتلوا جنود عثمانيون جرحى أو مرضى جاءوا إلى وان للنقاهة ودُمرت قُرى زفيه، وملا قسيم، وشيخ قرة، وشيخ عينة، وزورياد باكس، وخضر، وعمق، وآيانس، وورندز، وحرويل، ودير، وزيوانا، وقرقر، وقرى كثيرة لم تُحدد بالاسم. دُمر كل شيء إسلامي في وان باستثناء ثلاثة مبان أثرية جرى إحراق أو هدم جميع المساجد دُمر الحي المسلم كاملًا حين انتهت مهمة الأرمن والمعركة بين العثمانيين والأرمن بدت (وان) أقرب إلى خرائب قديمة منها إلى مدينة. وهاجمت العصابات الأرمنية على الطرق كثيرًا من أولئك الذين استطاعوا الفرار وكانوا يقتلون جميع المسلمين الذين يمرون قريبًا منهم وقام الأرمن بسرقة ما يحمله المسلمون الفارون واغتصبوا كثيرًا من النساء . ونأتي الآن إلى رد فعل العثمانيين على هذه المذابح والذي يتخذ منه أعداء الإسلام دليلًا على دموية "الخلافة الإسلامية" متمثلة في الدولة العثمانية وقد غفلوا أن ما حدث -إن افترضنا صحته- قد وقع خلال حكم الاتحاديين العلمانيين بعد أن انقلبوا على الخليفة عبدالحميد الثاني عام 1908م وجعلوا الخلافة مجرد سلطة روحية ما لبثوا أن ألغوها تمامًا وعزلوا الخليفة العثماني وطردوا أفراد الأسرة العثمانية خارج البلاد.
كذلك يتخذ أعداء الإسلام حتى الآن تلك المزاعم كورقة ضغط على تركيا والحزب الحاكم بها حزب العدالة والتنمية ويُغفلون بفجاجة وصفاقة المذابح -الحقيقية- التي ارتكبها الروس واليونان والبلغار والأرمن وغيرهم بحق المسلمين العثمانيين والتي تشيب لها رؤوس كل من بقي لديه ذرة إنسانية فلا تراهم يحيون ذكرى هذه المذابح كما يفعلون في قضية الأرمن .
لقد كان الرد العثماني -كما يقول المؤرخ الأمريكي جستن مكارثي- على الثورة الأرمينية لا يختلف كثيرًا عن رد حكومات القرن العشرين الأخرى التي تواجهها حرب العصابات عزل العصابات عن الدعم المحلي بالتخلص من المناصرين المحليين . لقد أدرك العثمانيون أن الثوار الأرمن يتلقون دعمًا مطلقًا من القرويين الأرمن ومن أرمن المدن الشرقية التي كانت موطنًا لزعماء ثورتهم لذلك قرر العثمانيون اتخاذ إجراء جذري : نزوح قسري للسكان الأرمن من المناطق العسكرية الفعلية أو المحتملة .
ويقول مكارثي إن نيات إسطنبول واضحة: نقل وإعادة توطين الأرمن سلميًّا ويقول إن الوثائق العثمانية الوحيدة التي يمكن التحقق منها بهذا الشأن تدل على اهتمام رسمي على الأقل بالنازحين الأرمن فقد كُتبت الإجراءات المفصلة في إسطنبول وأُرسلت إلى الأقاليم وشملت بيع بضائع اللاجئين وتوطين اللاجئين في مواقع اقتصادية مشابهة لتلك التي تركوها وتعليمات بشأن الصحة وتطبيق القوانين الصحية وما شابه ذلك.
ويقول مكارثي إن قرار إجبار الأرمن على الرحيل صحيح باللغة العسكرية المحضة لكنه سبَّب متاعب ووفيات كبيرة بينهم وهذا يبعث على الأسى ومع ذلك أدى القرار إلى النتيجة المرجوة: تضاءلت هجمات الثوريين الأرمن .
ثم يذكر مكارثي أن مسئولية وفيات الأرمن يجب أن يتقاسمها: الثوريون الأرمن أنفسهم ومناصروهم والروس إضافة إلى الدولة العثمانية التي اضطرها ضعفها في ذلك الحين إلى الاختيار بين مجموعتين من مواطنيها .
ولما حدثت الثورة البلشفية في روسيا عام 1917 تفكك الجيش الروسي وترك الميدان وحل محله العصابات الأرمنية فشن الجيش العثماني هجومًا سريعًا فتقهقرت العصابات الأرمنية على نحو فوضوي وخربوا المناطق التي كانوا يحتلونها وقتلوا مسلميها وارتكبوا الفظائع . فقد جاء في تقرير القائد العثماني وهيب باشا أن الأرمن قتلوا كثيرًا من المسلمين وألقوا بجثث بعضهم في الآبار وأحرقوا جثثًا أخرى ومثّلوا ببعض الجثث وشقّوا بطون المسلمين في المسالخ ومزقوا أكبادهم ورئاهم وعُلقت النساء من شعورهن بعد أن كن عرضة لجميع الأفعال الشيطانية وغير ذلك .
والآن فهل من مستغرب لما تقوم به روسيا في هذه الأيام .
ملاحظة :
سأكمل باقي البحث في منشور لاحق إنشاء الله وهو بعنوان (حقائق تاريخية أساسية لفهم الصراع الأرمني العثماني )

المراجع
* الطرد والإبادة مصير المسلمين العثمانيين 1821-1922م، جستن مكارثي .
* مقال د. هاني السباعي - مركز المقريزي للدراسات التاريخية بلندن .
* سياسة وأقليات في الشرق الأدنى ترجمة د.ذوقان قرقوط .

الجمعة، 22 يناير 2016

لماذا احتلنا الغرب ؟

بعد كل ما ذكرته في المنشورات السابقة  ( والتي لم أكمل الموضوع فيها بعد ) لو كانت الدولة العثمانية كما قيل لنا في تاريخنا دولة محتلة وتطمع في خيرات بلادنا وتنشر الفساد والجهل وظلمت وطغت وتجبرت . لماذا تآمرت عليها الدول الأوربية قاطبةً لإزاحتها من الخارطة السياسية للعالم ؟ هل الأوربيون هم المنقذ الآتي من السماء ليخلصنا من الظلم الذي كنا فيه أم هم ملائكة الرحمة جاؤوا لينشروا العدل والسلام في ربوعنا وبدون مقابل ويقيموا الديمقراطية في بلادنا وينشروا العلم ويصدروا لنا الثورة الصناعية ومفاهيم الدولة الحديثة ( حرية ـ عدالة ـ مساواة ـ إخاء ـ مواطنة .... ) . ؟؟؟
طبعاً الجواب بسيط :

تآمروا على الدولة العثمانية لأنها دولة مسلمة سنية تشكل خطراً وسداً منيعاً يقف في وجه أطماعهم في الوطن العربي وخوفاً من فكرة استرداد الأندلس التي كانت تشكل هاجساً يقض مضاجعهم وبعد الأندلس التوسع في أوربا ونشر الإسلام فيها ولأجل بناء الوطن القومي لليهود . ولو كانت الدولة العثمانية كما روجوا وأشاعوا دولة ومتخلفة متفككة وظالمة لما كانوا أزاحوها وإنما اكتفوا بغزوها وفتح البلاد وتخليص المسلمين من الظلم كما يدعون حتى أن الأمر كان أسهل بالنسبة لهم . وتركوا تلك الدولة العجوز تمضي أيامها الأخيرة وتلفظ أنفاسها في دويلة صغيرة لا تكاد تشكل عبئا ً على أحد .

الأربعاء، 20 يناير 2016

العثمانيون . فتح إسلامي أم غزو واحتلال أجنبي ؟

قبل أن نعرف الجواب على هذا السؤال يجب أن نعرف حال البلاد العربية قبل ذلك الوقت .
انقسمت الدول العربية إلى كثير من الدويلات الصغيرة والتي قامت على أنقاض الدولة العباسية فكان هناك الأيوبيون والإخشيديون والفاطميون . حتى وصل الأمر إلى أن بعض الممالك لم تكن تتعدى المدينة الواحدة . وقد كان من بين هذه الدول دولة المماليك .
و المماليك هم سلالة من الجنود حكمت مصر والشام والعراق وأجزاء من الجزيرة العربية أكثر من قرنين ونصف القرن وبالتحديد من 1250 م إلى 1517 م . تعود أصولهم إلى آسيا الوسطى قبل أن يستقروا بمصر و التي أسسوا بها دولتين متعاقبتين كانت عاصمتها هي القاهرة:  الأولى دولة المماليك البحرية ومن أبرز سلاطينها عز الدين أيبك وقطز والظاهر بيبرس والمنصور قلاوون والناصر محمد بن قلاوون والأشرف صلاح الدين خليل الذي استعاد عكا وآخر معاقل الصليبيين في بلاد الشام ، ثم تلتها مباشرة دولة المماليك البرجية بانقلاب عسكري قام به السلطان الشركسي برقوق الذي تصدى فيما بعد لتيمور لنك واستعاد ما احتله التتار في بلاد الشام والعراق ومنها بغداد  فبدأت دولة المماليك البرجية الذين عرف في عهدهم أقصى اتساع لدولة المماليك في القرن التاسع الهجري الخامس عشر الميلادي . وكان من أبرز سلاطينهم برقوق وابنه فرج وإينال والأشرف سيف الدين برسباي فاتح قبرص وقانصوه الغوري وطومان باي .
كانت تسمية المماليك تشير إلى العبيد البيض الذين كانوا فرسانا وجنودا محاربين يؤسرون في الحروب أو أطفالا صغارا يخطفون في غارات لصوصية أو كسبايا في حروب يتم عرضهم على مندوبي الدول والحكومات في أماكن خاصة حيث يتم إفتداؤهم بمبالغ مالية تدفع للمسؤلين عنهم ، ويتم جلبهم إلى الدولة المعنية وهي هنا الدولة الأيوبية ومن قبلها الدولة العباسية ليتم تعليمهم وتدريبهم في مدارس عسكرية خاصة ليتخرجوا منها قادة وفرسانا وجنودا مؤهلين يرفدون الجيش ويمدوه بدماء وخبرات وقدرات جديدة تزيد في قوة الجيش ومنعة الدولة ، وقد استولوا على الحكم في مصر في نهاية حكم الدولة الأيوبية بمصر وضعف وعدم أهلية ملوكها وسلاطينها. قد كانت فكرة الاستعانة بالمماليك في الشرق الأدنى منذ أيام العباسيين. وأول من إستخدمهم كان الخليفة المأمون. ولكن استقدم الخليفة العباسي المعتصم بالله جنود تركمان ووضعهم في الجيش كي يعزز مكانته بعد ما فقد الثقة في العرب والفرس التي قامت عليهم الدولة العباسية، ولقد شجع ذلك الخلفاء والحكام الآخرين في جلب المماليك . وقد كان  أحمد بن طولون ( 835-884 م ) يشترى مماليك الديلم ولقد كانوا من جنوب بحر قزوين ووصل عددهم إلي 24 ألف تركى وألف أسود و 7 آلاف مرتزق حر. وقد تم جلب الأسرى من القفقاس وآسيا الصغرى إلى مصر من قبل السلطان الصالح أيوب لذا يكون أصل المماليك من الأتراك والروم والأوروبيين والشراكسة.
 و كان كل حاكم يتخذ منهم قوة تسانده وتدعم الأمن والاستقرار في إمارته أو مملكته . كما كان المماليك يبايعون الملوك والأمراء، ثم يدربون تدريبا عسكريا راقيا ويتلقون علوما شرعية وعلوما عامة ويربّون على الطاعة والإخلاص والولاء. 
وعند وفاة الملك الصالح أيوب في المنصورة وكانت الحرب قائمة ضد الفرنج الصليبيون ويقودهم لويس التاسع ملك فرنسا عند غزوهم دمياط وكانوا متجهين إلى القاهرة فجلب المماليك إبنه توران شاه من حصن كيفا كي يقود الحرب ويستلم الحكم ، وبعد انتهاء معركة المنصورة وأسر لويس التاسع سنة 1250م أساء السلطان الجديد التصرف مع المماليك فاغتالوه عند فارسكور بعد ذلك تسلطنت شجر الدر أرملة الصالح أيوب على عرش مصر بمساندة وتأييد المماليك البحرية وبذلك فقد الأيوبيون سيطرتهم على مصر.
لم يرض كلا من الأيوبيين في الشام في دمشق والخليفة العباسي المستعصم بالله في بغداد بانتزاع عرش الأيوبيين في مصر وتنصيب شجر الدر ورفضا الاعتراف بسلطانها فقام الأمراء الأيوبيون بتسليم الكرك للملك المغيث عمر ودمشق للملك الناصر صلاح الدين يوسف الذي قبض على عدة من أمراء مصر في دمشق فرد المماليك بتجديد حلفهم لشجر الدر ونصبوا عز الدين أيبك أتابكا وقبضوا على الأمراء الميالون للناصر يوسف في القاهرة. وبعث المستعصم إلى الأمراء في مصر كتابا يقول: "ان كانت الرجال قد عدمت عندكم فأعلمونا حتى نسير إليكم رجالا " 
إن عدم اعتراف كلا من الخليفة العباسي وكذلك الأيوبيين في دمشق بسلطنة شجر الدر قد أربك المماليك في مصر وأقلقهم فراحوا يفكرون في وسائل توفيقية ترضى الأيوبيين والخليفة العباسي وتمنحهم شرعية لحكم البلاد فقرر المماليك تزويج شجر الدر من أيبك ثم تتنازل له عن العرش فيرضى الخليفة العباسي بجلوس رجل على تخت السلطنة ثم البحث عن رمز أيوبي يشارك أيبك الحكم اسميا فيهدأ خاطر الأيوبيين ويرضوا عن الوضع الجديد.
تزوجت شجر الدر من أيبك وتنازلت له عن العرش بعد أن حكمت مصر ثمانين يوما  بإرادة صلبة وحذق متناهي في ظروف عسكرية وسياسية غاية في التعقيد والخطورة بسبب غزو العدو الصليبي للأراضي المصرية وموت زوجها سلطان البلاد الصالح أيوب بينما الحرب ضد الصليبيين دائرة على الأرض الواقعة بين دمياط والمنصورة. نصب أيبك سلطانا وأتخذ لقب الملك المعز. وفي محاولة لإرضاء الأيوبيين والخليفة العباسي قام المماليك بإحضار طفلا أيوبيا في السادسة من عمره وقيل في نحو العاشرة من عمره  وسلطنوه باسم "الملك الأشرف مظفر الدين موسى" وأعلن أيبك أنه ليس سوى نائبا للخليفة العباسي وأن مصر لا تزال تابعا للخلافة العباسية كما كانت من قبل. 
إن المماليك في أيامهم الأخيرة طغوا وتجبروا وانتشر الظلم بصورة كبيرة بينهم وتفشى الجهل الديني في هذه الحقبة الأخيرة من حكهم ونتيجة لتفشي الظلم كما ذكرنا فكانت رغبة الناس ورغبة علماء مصر والشام الانضمام إلى الدولة العثمانية فاجتمع العلماء والقضاة والأعيان والأشراف وأهل الرأي مع الشعب وتباحثوا في حالهم ثم قرروا أن يتولى قضاة المذاهب الأربعة والأشراف كتابة عريضة نيابة عن الجميع يخاطبون فيها السلطان العثماني سليم الأول ويقولون أن الشعب السوري ضاق "بالظلم" المملوكي وإن حكام المماليك "يخالفون الشرع الشريف"، وإن السلطان إذا قرر الزحف على السلطنة المملوكية، فإن الشعب سيرحب به، وتعبيراً عن فرحته، سيخرج بجميع فئاته وطوائفه إلى عينتاب -البعيدة عن حلب- ولن يكتفوا بالترحيب به في بلادهم فقط ، ويطلبون من سليم الأول أن يرسل لهم رسولاً من عنده، وزيراً ثقة، يقابلهم سراً ويعطيهم عهد الأمان، حتى تطمئن قلوب الناس. وهذه الوثيقة موجودة في متحف طوپ قپو في استانبول رقم 11634 (26) وترجمة الوثيقة من العثمانية إلى العربية كما يلي :
( يقدم جميع أهل حلب : علماء ووجهاء وأعيان وأشراف وأهالي، بدون استثناء طاعتهم وولاءهم -طواعية- لمولانا السلطان عز نصره وبإذنهم جميعاً، كتبنا هذه الورقة لترسل إلى الحضرة السلطانية العالية. إن جميع أهل حلب، وهم الموالون لكم، يطلبون من حضرة السلطان، عهد الأمان، وإذا تفضلتم بالتصريح فإننا نقبض على الشراكسة، ونسلمهم لكم، أو نطردهم، وجميع أهل حلب مستعدون لمقابلتكم واستقبالكم ، بمجرد أن تضع أقدامكم في أرض عينتاب، خلصنّا أيها السلطان من يد الحكم الشركسي، احمنا أيضاً من يد الكفار، قبل حضور التركمان، وليعلم مولانا السلطان، إن الشريعة الإسلامية ، لا تأخذ مجراها هنا، وهي معطلة، إن المماليك إذا اعجبهم أي شيء ليس لهم، يستولون عليه، سواء كان هذا الشيء مالاً أو نساءً أو عيالاً ، فالرحمة لا تأخذهم بأحد، وكل منهم ظالم، وطلبوا منا رجلاً من ثلاثة بيوت ، فلم نستجب لطلبهم ، فأظهروا لنا العداء ، وتحكموا فينا ، (ونريد) قبل أن يذهب التركمان أن يقدم علينا وزيراً من عندكم أيها السلطان صاحب الدولة ، مفوض بمنح الأمان لنا ولأهلينا ولعيالنا، أرسلوا لنا رجلاً حائزاً على ثقتكم يأتي سراً ويلتقي بنا ويعطينا عهد الأمان، حتى تطمئن قلوب هؤلاء الفقراء وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله أجمعين).
أما علماء وفقهاء مصر فقد ذكر عبدالله بن رضوان في كتابه: تاريخ مصر (مخطوط رقم 4971) بمكتبة بايزيد في استانبول ، إن علماء مصر (وهم نفس الشعب المصري وممثلوه) يلتقون سرّاً بكل سفير عثماني يأتي إلى مصر، ويقصون عليه (شكواهم الشريف) و (يستنهضون عدالة السلطان العثماني) لكي يأتي ويأخذ مصر ويطرد منها الجراكسة المماليك.
نضف إلى هذا أن المماليك أثناء حرب السلطان سليم الأول مع الصفويين الشيعة ، لم يقفوا إلى جانب السلطان سليم صاحب المذهب السني، وفي نفس الوقت لم يلتزموا بالحيادية التامة بين الطرفين أو بأخذ موقف معادي من الدولة العثمانية ، كما كان هناك خلاف في الحدود بين الدولتين في منطقة طرسوس في المنطقة الواقعة بين الطرف الجنوبي الشرقي لآسيا الصغرى وبين شمالي الشام لكل ما تقدم  قام السلطان سليم الأول بغزو بلاد الشام و مصر وانتزعها من المماليك .

الثلاثاء، 19 يناير 2016

صورة السلطان عثمان الأول مؤسس الدولة العثمانية


أبو الملوك السلطان الغازي عثمان خان الأول

عثمان بن أرطغرل
عندما نتأمل في سيرة عثمان الأول تبرز لنا بعض الصفات المتأصلة في شخصيته كقائد عسكري ورجل سياسي ومن أهم هذه الصفات:
الشجاعة عندما تنادى أمراء النصارى في بورصة ومادانوس وأدره نوس وكته وكستله البيزنطيون في عام 700هـ/1301م لتشكيل حلف صليبي لمحاربة عثمان بن أرطغرل مؤسس الدولة العثمانية واستجابت النصارى لهذا النداء وتحالفوا للقضاء على الدولة الناشئة تقدم عثمان بجنوده وخاض الحروب بنفسه وشتت الجيوش الصليبية وظهرت منه بسالة وشجاعة أصبحت مضرب المثل عند العثمانيين .
الحكمة بعد ما تولى رئاسة قومه رأى من الحكمة أن يقف مع السلطان علاء الدين ضد النصارى وساعده في افتتاح جملة من مدن منيعة  وعدة قلاع حصينة ولذلك نال رتبة الإمارة من السلطان السلجوقي علاء الدين صاحب دولة سلاجقة الروم .
الاخلاص عندما لمس سكان الأراضي القريبة من إمارة عثمان إخلاصه للدين تحركوا لمساندته والوقوف معه لتوطيد دعائم دولة اسلامية تقف سداً منيعاً أمام الدولة المعادية للإسلام والمسلمين .
الصبر وظهرت هذه الصفة في شخصيته عندما شرع في فتح الحصون والبلدان ففتح في سنة 707هـ حصن كته وحصن لفكه وحصن آق حصار وحصن قوج حصار. وفي سنة 712هـ فتح حصن كبوه وحصن يكيجه طرا قلوا وحصن تكرر بيكارى وغيرها وقد توج فتوحاته هذه بفتح مدينة بروسة في عام 717هـ/1317م وذلك بعد حصار شديد دام عدة سنوات ولم يكن فتح بروسة من الأمور السهلة بل كان من أصعب ما واجهه عثمان في فتوحاته حيث حدثت بينه وبين قائد حاميتها اقرينوس صراع شديد استمر عدة سنوات حتى استسلم وسلم المدينة لعثمان. قال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } (سورة آل عمران:200) .

إن عثمان الأول استخدم العدل مع رعيته وفي البلاد التي فتحها فلم يعامل القوم المغلوبين بالظلم أو الجور أو التعسف أو التجبر أو الطغيان أو البطش وإنما عاملهم بهذا الدستور الرباني:{ قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا (87) وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا (88) }. والعمل بهذا الدستور الرباني يدل على إيمان وتقوى وفطنة وذكاء وعلى عدل وبر ورحمة.

التاريخ يكتبه المنتصرون

التاريخ يكتبه المنتصرون
من المعروف أن التاريخ يكتب في مراحل لاحقة للأحداث التي يراد التأريخ لها وقلما نجد من يكتب التاريخ بموضوعية وتجرد وحيادية حتى السير الذاتية فإنها تكتب من وجهة نظر صاحبها أو من قبل أحد المقربين أو المعجبين في هذا الشخص أو المدافعين عن مواقفه ومبادئه وفي جميع هذه الحالات لن يكتب لنا إلا ماله وسيتجاهل ما عليه . وعقب الحروب والثورات فإن المؤرخون يكتبون ما جرى وحدث من ووجهة نظرهم هم ولا نعرف شيئا عن وجهة النظر الأخرى . لذلك فإن التاريخ الذي نقرأه ليس هو ما حدث تماماً وإن كان كذلك فإن الدوافع للفعل المؤرخ ليست هي الحقيقية إذ يحاول كاتب التاريخ تبرير الفعل لمن يؤرخ له . بعد كل ما تقدم نستطيع القول بأن ليس كل ما قرأناه عن التاريخ صحيحاً ولا مزيفاً . حيث تكون هناك جوانب للحقيقة وأخرى للزيف .
وسأحاول إنشاء الله في هذه المدونة أن أسلط الضوء على أحداث كثيرة في التاريخ كانت قرائتنا لها خلاف الواقع والحقيقة . وإن أصبت فالهدى والسداد من الله وإن أخطأت فمن نفسي وتقصيري .

والله من وراء القصد